الاستشهادي القسامي : غسان مدحت عبد الله ارحيم " أبو مدحت"
خاص ـ القسام:
لم تكن الشهادة في فلسطين يوما حلما بعيد المنال، فالعدو أوغل في الدماء، والميتة الشريفة هنا تغيظ الأعداء، أرادها بحق فأعدّ لها العدة وبقي موعد التنفيذ، كان يعلم في قرارة نفسه أنه على موعد مع القدر، ويتواصل العطاء الاستشهادي الذي يبحث عن الشهادة .. سيكون النصر حليفه بإذن الله .. فلا تنتظروا منه أن يرفع الراية البيضاء .. ولا تنتظروا منه الاستسلام .. أو المساومة .. فمهما قتلتم .. ودمرتم .. وشردتم .. سيمضي الفلسطيني بسلاحه وإيمانه .. إلى يوم لا رجعة فيه .. فمرحبا بالشهادة، رحمك الله يا أبو مدحت وأنتا تكتب اليوم هذه الرسالة:" رسالة أكتبها للذين يعشقون الله ورسوله ، وإلى الذين يعشقون طريق الحق وفلسطين، أهدي لكم جسمي وأبيع نفسي لله رب العزة، جل علاه وتقدست أسماؤه".
ابنكم وأخوكم ومحبكم في الله ابن كتائب الشهيد عزالدين القسام غسان ارحيم.
الميلاد والنشأة
ولد الاستشهادي القسامي المجاهد "غسان مدحت عبد الله ارحيم" "أبو مدحت" عام 1982م في "حي الزيتون" في مدينة غزة من أسرة فلسطينية مجاهدة ،في حي المجاهدين والقساميين "حي الزيتون" الذي خرَج العديد من القادة القساميين والاستشهاديين والشهداء "عبد الرحمن نصار" و"نائل" و"صابر" "أبو عاصي"، والشهداء "سمير عباس"، "محمد الدحدوح"، "أحمد الدهشان"، "نعيم نعيم"، "حسين شهاب"، "محمود البورنو"، والاستشهادي "فؤاد الدهشان" والمجاهدين "طلال نصار"و"محمد أبو سيدو" والكثير الكثير.
عاش شهيدنا غسان طفولته في أحضان أسرة لها حبها للوطن وانتمائها للإسلام فكانت طقوسه اليومية صلاة وذكر، يلبس القناع ويحمل المقلاع حبه للجهاد في سبيل الله فترعرع ونشأ على حب الوطن .
المرحلة الدراسية
التزم شهيدنا غسان منذ الصغر في مسجد الفاروق وكان محافظاً على جميع الصلوات فيه ثم تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة صفد، وانتقل إلى المرحلتي الإعدادي والثانوي في مدرسة تونس وكان معدله جيد جدا، وواصل تعليمه والتحق في جامعة الأزهر وتخصص في كلية الحقوق وتخرج في عام 2007م، وعمل بعدها "محقق " في صفوف الشرطة الفلسطينية في عهد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وتميز شهيدنا غسان " أبو مدحت " بالعديد من الصفات أبرزها " التواضع، الابتسامة الدائمة التي لا تفارق شفتيه، والحرص على زيارة المرضى " .
رجولة مبكرة
ويقول مدحت ارحيم والد الشهيد:" أن غسان عرف برجولته المبكرة وكان مرحا جدا وكتوما إلى أبعد الحدود، وويضيف أنها فوجئت بأن والده هو منفذ العملية كباقي الناس بالرغم أن هذه الشجاعة تناسبت مع هذه الرجولة المبكرة ".
وأشار والد الاستشهادي " إلى أنه يلاحظ على غسان حركات أو أعمالا غريبة غير أنه لاحظ عليه في الأيام الأخيرة أنه كان يكثر من الصلاة والدعاء وكان يطيل الصلاة وكأنها صلاة مودّع ".
كان غسان يحترم والديه ويقدرهم ويكن لهم كل التقدير والاحترام، فأحب الجميع ، والجميع أحبه لشخصيته الإسلامية المتميزة .
أقرباء الشهيد غسان وجميع أصدقاءه وكل شخص يعرفه يشهد له بحسن أدبه وخجله وتواضعه وأخلاقه الحميدة ، وكل شخص في حي الزيتون يشهد له ذلك ، فالجميع كان يشكر بأدبه وحسن تعامله كان يواظب على قيام الليل وتلاوة القرآن العظيم ، وكان يحافظ على صيام الاثنين والخميس من أيام الأسبوع، لم يتوانى الشهيد يوما عن تأدية صلاته ولم يكن ليفوت أي صلاة له في المسجد حتى في أيام البرد الشديد وأيام الثلج تحديدا صلى الشهيد جميع الصلوات أي قبل استشهاده بفترة قصيرة .
من أكثر المحطات المتميزة والتي لعب بها الاستشهادي غسان ارحيم هو دفاعاً شعبه ووطنه، هي بعد استشهاد زميله صابر أبو عاصي، حين أقسم بالثأر له قائلاً فوق قبره: " إن رصاصنا لا يطلق في الهواء بل في صدور الصهاينة ".
العاشق للشهادة
التزم غسان " أبو مدحت " بأداء جميع الصلوات في مسجد الفاروق القريب من بيته في حي الزيتون، وبرز في نشاطات الأشبال في المسجد، ولحبه للعمل في سبيل الله كان يشارك إخوانه في الكتلة الإسلامية (الذراع الطلابي لحركة حماس) في كل الفعاليات والأنشطة في المدرسة وفي جامعة الأزهر كذلك، فلم يكن يرى أحداً في البيت إلا ويحاول أن يسعده ويضحكه"، وكان يردد باستمرار حبه للشهادة وطلبه لها.
ومع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 انطلق غسان بعزيمة وصلابة وقوة إيمان، ونشط في صفوف حركة حماس، وما لبث أن التحق بصفوف الجيش الشعبي التابع للحركة مجاهداً ومرابطاً على الثغور المقدسة في أطراف حي الزيتون وكان ذلك في أوائل عام 2006م
أمير مركز تحفيظ القرآن
ومن شدة نشاطه البارز كلف شهيدنا المجاهد بمتابعة مركز تحفيظ القرآن الكريم في مسجد الفاروق، وفي هذه الفترة اهتم شهيدنا المجاهد بالسعي لتطوير المركز وتحفيظ كم كبير من الأشبال الذين أحبوه وأحبهم، حتى بايع جماعة الإخوان المسلمين وذلك في عام 2006م، وكان من الشباب المميزين في الأخلاق والمعاملة الطيبة، وبعدها نظراً لأعبائه الجهادية ترك مركز التحفيظ، واهتم بنشاطه العسكري والجهادي، وعمل في صفوف الشرطة الفلسطينية.
وعرف عن شهيدنا الاستشهادي بكثرة الصيام وقيام الليل، ومحافظته على صلاة الفجر فلا يذكر يوماً أنه تأخر عن صلاة الفجر، وكان بعد صلاة الفجر يقرا كل يوم جزء من القرآن وصلاة ركعتين لما كان يعلم أنها كحجة تامة وما لها من أجر عظيم.
حياة جهاديّة حافلة
التحق الشهيد القسامي غسان ارحيم في صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسّام خلال هذه الانتفاضة "الثانية" وذلك عام 2006، ومارس أول ساعات عمله بزرع عبوات ناسفة للدبابات الصهيونية التي كانت تجتاح حي الزيتون، وتميّز من بين اخوانه المجاهدين في نشاطه الجهادي، لا يقصر في أمراً ما " وعمِل شهيدنا في الرباط على الثغور، وشارك في التصدّي لمعظم الاجتياحات للعدوان الصهيوني على منطقة الزيتون خلال عمليتها العسكرية التي تقتل فيها الأطفال والنساء وترتكب المجازر الصهيونية، وبعدها وجدت قيادة كتائب القسام أن يكون الاستشهادي أبو مدحت ضمن وحدات الاستشهاديين في صفوف الكتائب، لما كان يتميز من إيمانيات بالله عزوجل، الأمر الذي رشّحه لتولّي قيادة إحدى المجموعات العسكرية في كتائب القسام، والتي تميّزت في عملها بفضل الله وبفضل الشجاعة والجرأة التي تمتّع بها غسان.
عمل الاستشهادي غسان في حفر الأنفاق وفي الوحدة القسامية الخاصة فكان معظم وقته للجهاد في سبيل الله، وحصل على العديد من الدورات في صفوف القسام ومنها :
-دورة مبتدئة –دورة متقدمة وكان مميز وحصل على درجة الامتياز-دورتين في هندسة المتفجرات.
وصية الاستشهادي
وقد كتب شهيدنا الاستشهادي وصية بخط يده قبل استشهاده بساعات وهي كما يلي:
الحمد لله رب العالمين ناصر المؤمنين وقاهر الظلمة واليهود المجرمين يقول الله تبارك وتعالى (وقاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفي صدور قوم مؤمنين) أما بعد:
أحبابي في الله هذه حياتي إليكم :
اولاً: إلى أحبابي وإخواني وأهل مسجدي وحي الكرام البرر بإذن الله تعالى أرجو منكم أن تسامحوني إن قصرت أو أخطأت في حق احد منكم وأطلب منكم الدعاء لي بالمغفرة والرحمة، وأوصيكم بالقرآن ومركز تحفيظ القرآن بمسجد الفاروق.
ثانياً : إلى أهلي وإلى والدتي الأعزاء وإخواني وأخواتي الأشقاء أقول لكم: صبراً صبراً فهذه طريق الحق وطريق النصر والتمكين، وأذكركم بقوله تعالى: فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" وأتمنى عليكم الصبر عند الصدمة الأولى، وأن تحتسبوني لله تعالى شفيعاً لكم عند الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وأرجو منكم الدعاء لي.
ثالثاً: إلى إخواني في قيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس والأخوة الأعزاء على القلوب في كتائب الشهيد عزالدين القسام كل بلقبه واسمه من أول شخص وأعلى الهرم أي أخر شخص في الكتائب أقول لكم بارك الله فيكم وفي جهادكم وعملكم الدءوب المتواصل لنصرة الله ورسله ودينه.
رابعاً: إلى أعداء الله الصهاينة وأعوانهم من المنافقين أقول لهم رسالة التحدي والكبرياء بأن كتائب القسام سوف يبقون خنجر مسموم في قلب العدو الصهيوني وأعوانه، وان الله ناصر جنده ولو بعد حين فتنتظروا إنا معكم من المنتظرين والنصر لنا بإذن الله عاجلاً أم أجلاً والله اكبر ولله الحمد والعزة لله ورسوله وللمؤمنين.
أخوكم الشهيد الحي بإذن الله تعالى:
غسان مدحت ارحيم الجمعة 18-4-2008م
بيان القسام حول تفاصيل عملية " نذير الأنفجار"
وقد زفت كتائب القسام ثلاثة من مجاهديها الذين نفذوا العملية النوعية في معبر كرم أبو سالم العسكري الصهيوني واليكم نص البيان كاملاً :
"نذير الانفجار".. عملية مركبة بالسيارات المفخخة نفذها استشهاديو كتائب القسام في موقع كرم أبو سالم العسكري شرق رفح
برغم الحصار والتضييق والمؤامرات التي تحاك ضد شعبنا الفلسطيني الصابر المرابط في غزة الصمود، تأبى غزة إلا أن تمزق كل غازٍ وتحرق بلهيب غضبها شذاذ الآفاق الذين جاءوا من كل أصقاع الأرض ليجثموا على صدور شعبنا، وتمرغ مع كل إشراقه شمس على أرض غزة الإباء أنوف الصهاينة ويداس تحت أقدام المجاهدين الأبرار جنود الجيش الأسطورة الذي ما عاد يقوى على تجرع الهزائم تلو الهزائم على يد من أصرّوا على مقارعته في كل ميدان.
- ففي الساعة 06:00 من صبيحة هذا اليوم السبت 13 ربيع ثاني 1429هـ الموافق 19/04/2008م، تقدّمت أربع سيارات مفخخة مقتحمةً الخط الزائل – بإذن الله- جنوب قطاع غزة متّجهة إلى موقع "كرم أبو سالم" العسكري الصهيوني الذي يعتبر أكثر المواقع العسكرية تحصيناً في قطاع غزة.
- تم دخول السيارات المفخخة من خلف خطوط العدو، وهي تحمل كميات كبيرة من المتفجرات مع مجموعة من المجاهدين الاستشهاديين تحت غطاء كثيف من عشرات قذائف الهاون من العيار الثقيل (عيار 120 ملم)، كما تم إشغال حاميات الموقع العسكري بغطاء ناري كثيف من الرشاشات الثقيلة من وحدة الإسناد المشاركة في هذه العملية.
- عند وصول السيارات إلى الموقع العسكري القريب قام مجاهدونا بتفجير سيارتين مفخختين بداخل الموقع، وترك سيارة مفخخة على بوابة الموقع، وتم انسحاب السيارة الرابعة، وانفجرت السيارة الثالثة لاحقاً أمام الموقع.
- أكد المجاهد الذي انسحب بعد العملية ومصادر خاصة بنا بأنها خلّفت عدداً من القتلى والجرحى، بينما ادّعى العدو الصهيوني إصابة ثلاثة عشر من جنوده أحدهم في حالة الموت السريري.
وقد نفّذ هذه العملية ثلاثة من الاستشهاديين القساميين الأبطال وهم:
الاستشهادي القسامي المجاهد: غسان مدحت ارحيّم
(23 عام) من مسجد "الفاروق" بحي الزيتون بغزة
الاستشهادي القسامي المجاهد: أحمد محمد أبو سليمان
(21 عام ) من مسجد "النور" بحي تل السلطان برفح
الاستشهادي القسامي المجاهد: محمود أحمد أبو سمرة
()من مسجد "أبو سليم" بدير البلح وسط القطاع
إننا في كتائب الشهيد عز الدين القسام إذ نعلن عن هذه العملية النوعية لنؤكد على ما يلي:
1) نهدي هذه العملية لشعبنا الفلسطيني المحاصر وخاصة إلى ذوي شهداء الحصار وشهداء المحرقة الصهيونية كما نهديها للأسرى في سجون الاحتلال ولأرواح قادتنا العظام في ذكرى استشهادهم.
2) إن هذه العملية هي نذير بدء كتائب القسام في فكّ الحصار بطريقتها الخاصة، وعلى العدو الصهيوني الذي بدأ بالمحرقة في قطاع غزة أن ينتظر المزيد من المفاجآت ولعل القادم يكون أشد وأقسى.
3) إن كتائب القسام ستخرج في كل مرة للعدو من حيث لا يحتسب، وما عملية اليوم بنوعيتها واختراقها لكل إجراءات العدو الأمنية والعسكرية إلا دليل على أن خيارات القسام لا زالت واسعة ولن يقف في طريقها سياج أو حدود أو تحصينات عسكرية.
4) رسالتنا إلى شعبنا الفلسطيني بأننا جيشكم وجندكم نقاتل عنكم على خطوط النار لننتزع حقوقكم ولننتقم لشهداء شعبنا، ولن نتوانى لحظة عن القيام بدورنا في ضرب العدو الصهيوني في كل مكان من